سوريّون يخالفون التوقعات.. أعداد قليلة لم تعُدْ إلى تركيا


يواصل السوريون الذين دخلوا الأراضي السورية لقضاء إجازة عيد الفطر، العودة إلى الأراضي التركية، من معبر “باب السلامة” الحدودي، في حين لم يتعدَّ عدد المتخلفين عن العودة في الأسبوع الأول حاجز الـ500 زائر فقط.

وخلال الأيام العشرة الأولى من فتح باب العودة، فاق عدد السوريين الذين دخلوا تركيا الـ40 ألفاً، من أصل نحو 62 ألفًا كانوا قد عبروا إلى الأراضي السورية، وتبرز أهمية هذه الأرقام لمخالفتها كافة التوقعات التي كانت تتنبأ بها وسائل الإعلام التركية والمحلية، وحتى الجهات الرسمية، بما فيها الإدارة السورية للمعبر.

وبهذا الصدد، قال مدير معبر “باب السلامة”، العميد قاسم القاسم، إن التوقعات كانت تشير إلى احتمال عدم عودة 10% من إجمالي الزائرين السوريين إلى تركيا، واستدرك في تصريح لـ”صدى الشام”، “لكن للآن تبدو توقعاتنا في غير محلها”.

ظروف مختلفة

تختلف ظروف العودة إلى الأراضي التركية، اختلافاً يكاد يكون جذرياً، عن ظروف الدخول إلى الأراضي السورية، ويعود ذلك إلى عوامل عدة، أهمها حرص إدارة المعبر السوري على بذل كل الجهود الممكنة لتخفيف المشقة على الزائرين.

وبدا الارتياح واضحاً على غالبية السوريين خلال رحلة العودة إلى تركيا، إذ غابت مشاهد الازدحام الخانق التي حصلت خلال رحلة الذهاب، و سجلت فيها العشرات من حالات الإغماء نتيجة التدافع الشديد، والبقاء تحت أشعة الشمس لساعات طويلة.

ويرى رامي حليَس، أنه لا مجال للمقارنة بين ظروف الرحلتين، مبدياً رضاه التام عن سير الرحلة، التي تبدأ من كراج “سجو” انتهاءً بدخول الأراضي التركية.

ويشير حليّس لـ”صدى الشام”، إلى المعاملة الجيدة التي أبداها موظفو الجانب السوري، ويقول “لم نرَ منهم إلا حسن المعاملة، وكذلك الحرص على تنبيهنا من عدم التدافع كي لا نغضب الأتراك، وحتى لا تُوجه لنا كلمات سيئة من عناصر الشرطة التركية”.

ولا ينسى عائد آخر، فضل عدم ذكر اسمه، توجيه الشكر للموظفين السوريين على أمانتهم وحفظهم  للحاجيات والحقائب المفقودة، وتسليمها لأصحابها عبر مكتب المفقودات، وكذلك توزيعهم لمياه الشرب وسط الجموع، وخصوصاً في فترة الظهيرة التي تكون فيها درجات الحرارة مرتفعة.

ويضيف لـ”صدى الشام”: “لاحظنا تغيراً في معاملة الجانب التركي لنا، ويبدو أن التعليمات الصادرة من والي كليس الجديد كانت صارمة، خلافاً للفترة السابقة”، على حد تعبيره.

 تجاوب

كان لتمديد الجانب التركي ساعات العمل اليومية، وجعلها متواصلة حتى الساعة 10 ليلاً، عوضاً عن الخامسة مساءً، دور كبير في في تخفيف الازدحام.

وأكّد مدير معبر “باب السلامة” العميد قاسم القاسم، أن التمديد تم بناءً على طلب تقدمت به إدارة المعبر من الجانب السوري إلى والي ولاية كليس، وذلك بعد الازدحام الشديد الذي شهده المعبر في اليوم الأول، وسط ارتفاع في درجات الحرارة.

وأضاف “خلال الأيام الأولى كان معدل العمل مقبولاً ومُرضياً للعائدين وكذلك للجانب التركي”، معرباً عن أمله في  أن يستمر الوضع على ما هو عليه حتى دخول آخر سوري إلى الأراضي التركية.

وبعد أن أشاد القاسم بما وصفه بـ”التجاوب الإيجابي” من الجانب التركي للمعبر، أثنى على جهود الأتراك في سبيل تأمين اللقاحات الضرورية للأطفال ممن هم دون الـ15 عاماً، لافتاً إلى قيامهم بتوفير مركز لقاح ثانٍ، تلافياً للازدحام الذي كان يسببه وجود مركز واحد.

وكان الجانب التركي قد أوصى منذ اليوم الأول للدخول إلى سوريا بأن يعطى كل من هم دون سن ال15 لقاحات لأمراض السحايا والحصبة والجرب، وذلك في إجراء يعتبر الأول من نوعه.

مظاهر سلبية

ومقابل كل ذلك، راجت خلال فترة عودة السوريين إلى تركيا عملية بيع أوراق الدخول (الكرت) من قبل الأشخاص غير الراغبين بالعودة، إلى آخرين يفضلون دخول الأراضي التركية.

وتفاوتت أسعار الكرت الواحد، إذ تراوحت بين 100-700 دولار أمريكي للـ”كرت”، وعن أسباب التفاوت يوضح أحد المتاجرين لـ”صدى الشام” أن السعر يرتفع في حال كان شكل حامله الأصلي مشابهاً للشخص الراغب بالشراء، وخصوصاً في تقاسيم الوجه أو العمر، بينما ينخفض سعر الكرت في حال كان العكس.

هذا الشخص الذي يبيع الكروت تحدث إلى “صدى الشام” عبر وسائل التواصل الاجتماعي (السوق الافتراضية لهذه التجارة)، موضحاً أن مهتمه متابعة عروض بيع الكروت وكذلك الشراء، والجمع فيما بينهما مقابل الحصول على نسبة من الطرفين.

وأشار إلى اكتشاف الأتراك للكثير من حالات التحايل هذه، مؤكداً تعرض قسم كبير من المكتشف أمرهم للضرب المبرح من قبل الشرطة التركية، على حد  وصفه.

وبالرغم من تحذير إدارة  معبر “باب السلامة” من النتائج المترتبة على هذه التجارة ووصفها لها بـ”نصب واحتيال”، إلا أن التاجر أكد أنه كان وسيطاً لصفقات دخل على إثرها مئات من السوريين إلى تركيا.

وتعليقاً على ذلك، لم ينف مدير معبر باب السلامة، دخول بعض الأشخاص بأسماء غير أسمائهم، نتيجة للازدحام وكثرة أعداد العائدين، لكنه كشف بالمقابل عن تسجيل الجانب التركي لمعدل وسطي يومياً يبلغ نحو 400 حالة تزوير.

وحذر القاسم، من الإجراءات القانونية التي ستطبق بحق المخالفين، مشيراً إلى خسارة الأموال (ثمن الكرت) التي يتكبدها الشخص الذي يتم اكتشاف أمره.

وقال: “هذه الكروت بلا قيمة، ودخول الشخص يخضع للمراقبة في ثلاثة مراحل، في الجانبين السوري والتركي”.

لا تمديد

من جانب آخر، أكد القاسم أنه لن يكون ممكناً للشخص السوري الذي دخل الأراضي السورية في فترة العيد، ولم يعد إلى الأراضي التركية خلال المدة المحددة، أن يحصل على الحماية المؤقتة من السلطات التركية، إلا بعد مرور خمس سنوات على تاريخ شطب هويته “الكملك”.

وأشار إلى أنه “لم يعرف بعد ما إذا كانت ستمدد فترة الدخول إلى تركيا”، مضيفاً بهذا الخصوص “حتى الآن الإجراءات سهلة ولا أتوقع أن تمدد المهلة، وذلك لأن دخول السوريين خلال هذه الفترة أمر سهل ويتم بوتيرة جيدة وبدون ازدحام أو مشاكل”.

وحول افتتاح المعبر في عيد الأضحى المقبل، قال القاسم “للآن لا أنباء مؤكدة عن ذلك، لكن غالباً لن تفتح السلطات التركية البوابة الحدودية، ولا يستطيع الزائر العودة حتى لو فتحت البوابة في عيد الأضحى، لأن آخر موعد للعودة هو يوم الجمعة المقبل، المصادف 14 تموز الحالي”.

واختتم القاسم: “نسعى لتدارك الأخطاء التي حصلت خارج إرادتنا، ونسعى لخدمة أهلنا بما يرضي ضميرنا وواجبنا تجاه الذين أجبروا على ترك الداخل السوري، بعدما تشارك كل القتلة في العالم على قتلهم وتشريدهم”.



صدى الشام